الثلاثاء، 6 مايو 2014

صَغِيرٌ.... كَبِيرٌ شعر للأطفال أحمد بخيت


 
 صَغِيرٌ.... كَبِيرٌ
أحمد بخيت
  
شعر للأطفال
 إلى...
خزامى
وإلى كل أطفال الدنيا
أحمد
 الفيلسوف الصغير
صغير
لماذا وُلِدتُ صغيراً
وَلاَ رِيشَ لِي كَيْ أطيرْ؟
وأمشي،
ويحتاجُ جَدِّي
لعُكّازِهِ؛
كَيْ يَسِيرْ؟
لماذا الظلامُ ظلامٌ
وضحْكَةُ أُمِّي تُنيرْ؟
لماذا
أُحبُّ الأغاني
وأكرَهُ
صوتَ النَّفِيرْ
وأغضبُ إنْ قالَ عَنِّي
صَدِيقِيَ
إنِّي قصير؟
لماذا المريضُ
مَرِيضٌ
لماذا الفَقيرُ
فَقيرْ؟
لماذا أنا
لستُ أدري
وتعرف أنت الكثير؟
 
كبير
وتسألُنِي يا صغيري
سؤالَ الحياةِ الكبيرْ
وعندي جوابٌ جميلٌ
وليسَ الجوابَ الأخيرْ
ففي كلِّ يومٍ جديدٍ
ستعرِفُ أنتَ الكثيرْ!!

 
نوم ولعب
صغير
أنا لا أخافُ
الظلامَ
أنا لا أُحِسُّ التعبْ
لماذا ينامُ الصغارُ
ولا يستمرُّ اللعِبْ؟
 
كبير
بُنَيَّ
هناكَ ملاكٌ
جميلٌ
وراءَ السُّحُبْ
إذا أنتَ أغمضتَ
ليلاً
وفكَّرتَ فيه... اقترَبْ
 
يزورُك في النوم
حُلْماً
ويمسَحُ عنكَ التعبْ
فتصحو أميراً جميلاً
له بسمةٌ
مِنْ ذَهَبْ
تنامُ العصافيرُ ليلاً
وفي الصُّبْحِ حُبٌّ
وحَبْ
فنَمْ يا أميرَ الليالي
صَباحاً
يطيبُ اللَّعِبْ!!

 
أسود... أبيض... أصفر... أحمر
صغير
أبي
أنا كنتُ نَجْمَ الحفلِ
والثاني من اليابانْ
وقال الكلُّ: بيكاسُّو([1])
الصغيرُ.. المدهشُ الفنَّانْ
وفازتْ طفلةٌ شقراءُ
قالت لي
من اليونانْ
وبنتٌ من بلادِ الهندِ
والأخرى
مِنَ السودانْ
 
 
لماذا الناسُ مختلفونَ
في الأشكالِ
والألوانْ؟
ومن منهُمْ هوَ الأقوى
ليحكُمَ عالَمَ الإنسانْ؟
 
كبير
بُنَيَّ
أراك تهوى الرسمَ
فانظرْ
في يدِ الفنّانْ
لديكَ أصابعٌ خمسٌ
وكل اثنينِ مختلفانْ
 
وأنت تحرِّكُ الفرشاةَ
في يسرٍ
وفي إتقانْ
وهم يتعاونونَ معاً
بكلِّ سماحةٍ
وأمانْ!!
تخيَّلْ
أن كلَّ الناسِ يا ولدي
بكل مكانْ
تخيَّلْ
أنهم مثلُ الأصابعِ
إخوةٌ... جيرانْ
إذا اجتمعوا على حُبٍّ
معاً
كانوا يدَ الإنسانْ
ألم تذهبْ
لمزرعةٍ؟
ألم تذهبْ
إلى البستانْ؟
 
هناكَ الوردُ
والنَّعْناعُ
والزَّيتُونُ
والرُّمَّانْ
على رَغْمِ اختلافِ الكُلِّ
يَنْمُو الكُلُّ
في اطْمِئْنانْ
فهل شاهدتَ معركةً
لبامِيَةٍ
وبَاذَنْجَانْ؟
وهل ألقَتْ جُيُوشُ الوَرْدِ
قُنْبُلَةً
على الرَّيْحَانْ؟
جميعُ الناس يا ولدي الحبيبَ
جميعُهُمْ إخوانْ
وعالَمُنَا هُوَ البيتُ الكبيرُ
وكُلُّنا سكَّانْ!
لنا حقُّ الحياةِ مَعَاً
وَلاَ تفضيلَ
بالألوان

 
المباراة الكبيرة
صغير
كانَتْ
مباراةُ البطولةِ
نحنُ كُنّا
فائزينْ
كيفَ انهزمنا
والفريقُ
يضُمُّ أفضلَ لاعبينْ؟!
إنِّي حزينٌ للهزيمةِ
يا أبي
إنِّي حزينْ!!
 
كبير
الفوزُ
طفلٌ للجميعِ
يَسُرُّ كلَّ اللاعبينْ
أمَّا الهزيمةُ
فالجميعُ
يقولُ: بنتُ الآخَرِينْ
غَلَبَ الغُرُورُ
اللاعبينَ
فلَمْ يعُودوا
غالبينْ!!
لَمّا استهانوا بالمنافسِ
وهْوَ يلعَبُ
لاَ يلينْ
فقدوا التعاوُنَ بينهم
وحماسةَ المتفوقينْ
تحتاجُ كلُّ سفينةٍ
بحّارةً متعاونينْ
رُوحُ الفريقِ تقودُهُمْ
نحوَ الشواطئ
سالمين!!
يَدُكَ الشِّمالُ بحاجةٍ
دوماً
إلى يَدِكَ اليَمِينْ
واللحنُ
شرطُ نجاحِهِ
إبداعُ
كلِّ العازفينْ
لاَ بُدَّ
مِنْ رُوحِ الفريقِ
ومِنْ طموحٍ الطامحينْ
إنَّ الهزيمةَ
أن يفوتَكَ
ذلك الدرسُ الثَّمينْ!!

 
الراعي
صغير
قالَ صديقي:
الدنيا حَظٌّ
للموهوبِ
وللفنّانِ
فالمحظوظُ
سينجَحُ جدّاً
والمنحوسُ
يَظَلُّ يعاني!!
 
كبير
يُحْكَى أنَّ
الراعي الأحمقَ
جاءَ إلى قصرِ السلطانِ
 
 
قالَ لَهُ السُّلْطانُ:
تَخَيَّرْ
أنا أعطيكَ ثلاثَ أماني
قال الراعي:
قِطْعةَ لحمٍ
كادَ الجُوعُ يهدُّ كِياني
قال الصاحبُ:
أنت غبيٌّ
فكّرتَ ببطنٍ جوعانِ
لو حَكّمتَ العقلَ قليلاً
وتمهّلت لبضع ثوانِ
كنتَ طلبتَ قطيعَ خِرَافٍ
وتربِّيهِ مع الرُّعْيانِ
كنتَ ستُصْبِحُ
صاحبَ مالٍ
بعدَ الحاجةِ
والحرمان!!
غَضِبَ الراعي الأحمقُ
جدّاً
من تأنيبِ الراعي الثاني
وتمنَّى
أن يُحبَسَ فوراً
أخذوا الصاحبَ للسجّانِ
بعدَ قليلٍ قال الراعي:
أنا أسرعتُ إلى العدوان
كيفَ تركتُ رفيقَ شبابي
مسجوناً خلْفَ القضبانِ؟!
أتمنَّى
إنقاذَ صديقي
كيفَ سأفرَحُ
وهْوَ يعاني؟!
...
 
 
يا ولدي
يا ضحْكَةَ عمري
فكّر يا أذْكَى الرُّعْيانِ
منذُ الآنَ
وأنتَ الراعي
بين يدَيْكَ
ثلاثُ أماني
طولُ العمرِ
وما تعرِفُهُ
وذكاءُ العقلِ الإنساني!!

 
الله
صغير
أبي
فتّشتُ من حَوْلِي
ولستُ أراهُ
كيفَ أراهْ؟!
أبي
إنْ كانَ موجوداً
فأينَ اللهُ؟!
أينَ الله؟!
 
كبير
بُنَيَّ
هناك حُبُّكَ لي
أُحِسُّ بِهِ ولستُ أراهْ!!
أليسَ الحُبُّ موجوداً؟
ألستَ ابْناً يُحِبُّ أباهْ؟
متى شاهدتَ حُبَّكَ لي
وهل كلّمتَه بشفاه؟
وَمَنْ أَعْطَى
لهذا الطِّفْلِ
حُبَّ الأُمِّ
كي يرعاه
وأعطاكَ الأَبَ الحاني
وأعطَى للجَمِيعِ حياةْ؟
تعلَّمْ
يا بُنَيَّ الحبَّ
فهْوَ طَرِيقُنا لله
ستعرِفُ أنتَ أينَ اللهُ
حِينَ تُحِبُّ خَلْقَ الله!!
وتعرِفُ
كيفَ تعبُدُهُ
وتشكُرُهُ
وَلاَ تنساهْ!
بُنَيَّ
اللهُ موجودٌ
بقلبِكَ دائماً
ستراه!!
 
صغير
أبي
قلتَ لي:
إنَّ رَبِّي قريبٌ
إليَّ
وإنِّي قويُّ البَصَرْ!!
فكيفَ يكونُ قريباً إليَّ
ويبقى خفيّاً
أمامَ النَّظَرْ؟!
 
 
كبير
بصدرِكَ قلبٌ
أليس قريباً؟
أشاهدتَهُ
يا قويَّ البَصَرْ؟
وربُّكَ أقربُ منهُ إليكَ
فكيفَ تشاهِدُهُ بالنَّظَرْ؟
 
صغير
بصدرِيَ قلبٌ
أُحِسُّ بِهِ
ولا مرّةً لِعُيُونِي ظَهَرْ
ولكنْ أمامَ جهازِ الأشعّةِ
تظهَرُ آثارُهُ في الصوَرْ!!
 
كبير
وَرَبُّكَ تظهَرُ آثارُهُ
على كلِّ ما في الوجودِ ظَهَرْ
ألستَ تُحِسُّ
صفاتِ المصوِّرِ
في ما تشاهدُهُ من صُوَرْ؟
جَناحُ الفراشةِ
لونُ الغروبِ
وضوءُ النجومِ
وظِلُّ الشجرْ
تدلُّ على خالقٍ مبدعٍ
لَهُ قدرةٌ
فوقَ كلِّ البشرْ!!
 
صغير
وكيفَ يكونُ بكلِّ الأماكنِ
مِصْرَ
فرنسا
استرالْيا
قَطَرْ؟!
وكيفَ يُحيط بكلِّ البلادِ
على بُعدِ ما بينَها من سفرْ؟!
 
كبير
تخيَّلْ
يداً باتّساعِ الْمُحِيطِ
وضَعْ فوقَها
قطرةً منْ مطرْ
يدُ الله أكبَرُ
مهما تَخيَّلتَ
مهما تخيَّلَ عقلُ البشرْ
إلهٌ يُحيطُ بكلِّ الوجودِ
فكيفَ تُحيطُ بِهِ بالْبَصَرْ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق