الخميس، 29 مايو 2014

قصة من التراث العماني للقاص سالم آل تويّه


الحديقة لسالم آل تويّه..

في مسلسل الرسوم المتحرّكة كان سعد يرى الأشجار تكبر وجولييت تسقيها
يوميًّا، وتبتهج وهي تراها متألّقةً وخضراء.
سعد يذهب إلى المدرسة كل يوم، يستيقظ مبكّرًا، يغسل أسنانه، يستحمّ وينزل
الطوابق الخمسة عشر نشيطًا ومستعدًّا لاستقبال الدروس.
وما إن يركب الحافلة حتى يبدأ صفّان من الأشجار على جانبي الطريق، يشعر
سعد بالألفة والسرور كلما رآها، أشجار لا تنتهي إلا عند تقاطعات إشارات
المرور قرب المدرسة. كان سعيدًا لأن الاخضرار موجود أيضًا في المدرسة،
وكانت سعادته تكبر لأن تحصيلة الدراسي جيّد جدًّا.. إنه الآن في الصف
الثالث.
مقعده في الصف بجوار النافذة، وعندما يلتفت يطالع الأشجار الخضراء وفوقها
طيور ملوّنة تزقزق. وكان يقول في نفسه: "ما أجمل الأشجار والعصافير!".
ويتخلّل نظرَه أغصانُ الشجرة القريبة فيرى خلفها أربع نخلات يتذكّر أكبرها كانت منذ سنتين بطول قامته، وكان هو في الصف الأول، ويرى أيضًا شجرة توت بجوار شجرة النّبق العالية التي تتدلّى بعض أغصانها خارج سور المدرسة.
ولكن؛ منذ أسبوعين، أحسّ سعد بأن الأشجار صديقته واكتشف أنها تشبهه وتشبه
الأولاد الصغار الآخرين لأنها تكبر مثلهم، واستغرب من قناعتها لأنها تعيش
بالماء فقط، بينما نحن البشر نعيش بالماء والحلوى والحليب واللحم. وصار
كلما هرع إلى النوم يحلم بشجرة توت يقلّم أغصانها، ويجمع ثمارها في سلال
يوزّع بعضها على أصدقائه.
منذ أسبوعين ازداد حب سعد للأشجار، أي منذ بدأ مسلسل الرسوم المتحرّكة
ذاك. وأحبّ جولييت المخلصة للأشجار فهي تسقيها بعناية وفرح، حتى إنه حفظ
أغنية المسلسل منذ عرْض حلقته الثالثة، وأصبح يردّد مع صوت جولييت:

الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
في الثالثة بعد الظهر يعود سعد من المدرسة، يسلّم على أمّه، يبدّل ملابسه
ويغسل وجهه ليجدّد انتعاشه بعد مجهود الدروس، وحين ينتهي من ترتيب كتبه
يكون أبوه قد عاد هو الآخر من العمل فيجتمعون ثلاثتهم على مائدة الغداء.
ليس لسعد أخ يشاهد معه جولييت وهي تسقي الأشجار في حديقة منزلها، وربما
بسبب ذلك يداهمه الحزن كلما دخل منزله، إذ بمجرد غلقه الباب تغيب
الأشجار، وتحيط به الجدران من كل الجهات، ويتوجّب عليه أن يطلّ من
النافذة فيزداد حزنه فالأشجار من هنا تبدو صغيرة وبعيدة، ولو مدّ يده فلن
يلمس أوراقها الخضراء، ولن يشمّ روائحها الزكية.
أصدقاؤه يشاهدون جولييت في بيوتهم، وفي فُسح المدرسة صار سعد يحدثهم عن
الإبريق الرشاش الذي تسقي به جولييت الياسمين وعن الرمانة الكبيرة التي
قطفتها البارحة بينما هم يشترونها من البقالة، ولكن هذا لا يكفي.
تقول له أمه: الخسّ لذيذ ومليء بالفيتامينات يا سعد. كلّه يمنح جسمك الصحة.
قال سعد: جولييت تزرعه في بيتها، أبوها يعلّمها أسماء الأشجار والنباتات.
سأله والده مندهشًا: من جولييت هذه؟
أجاب سعد: إنها بطلة المسلسل، تسقي الأشجار، وتقطف الرّمان من حديقة بيتها.
تضاحَك والداه ووعده أبوه برمّانات كبيرة حمراء سيجلبها له في المساء.
ولمّا حان وقت المسلسل جلس سعد أمام التلفاز، وانشغلت حواسّه كليّةً
بحديقة جولييت. الناظر إليه يعجَب من ذهوله وانشداهه وغبطته بما يحدث،
وكأنه ليس موجودًا هنا –في البيت- بل هناك في حديقة جولييت، حيث يمدّ
الخرطوم الطويل ليتمكّن من سقي التينة التي في طرفها، ويشذّب أفرع شجرة
التوت، ويقبض حفنة من البذور، وينثرها على امتداد السور. وبالفعل إن
سعدًا هناك الآن يفعل كل ذلك مُصغيًا لزقزقة العصافير ومنشغلًا، في الوقت
نفسه، بإهالة السماد حول شتلات لا يعرف أسماءها بعد.
انتهى المسلسل وظلّ سعد مبتسمًا بعض الوقت، لكنه ما لبث أن انتبه إلى أنه
موجود في البيت وليس في الحديقة بدليل أن أمّه الجالسة إلى جواره هتفت
ضاحكة: ما اسم تلك البذور؟
خرج سعد تمامًا من التلفاز مثل من استيقظ من حلم مجيبًا عن سؤالها: غدًا،
غدًا يا أمي سأعرف.
قالت أمّه مستشعرةً ما انتابه من حزن: إلى هذه الدرجة تحب الحديقة يا حبيبي؟
ولكنّي لا أراها إلا في الشارع والمدرسة والتلفاز يا أمي.
ولم تجد الأم كلامًا تعلّل به ابنها، أما هو فأحضر كراسة الرسم ولوّن
إحدى صفحاتها باللون الأخضر، وأخذ يغنّي:
الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
وفي المساء أطعمته أمّه حبّات الرمان، وشرح له أبوه دروسه. وعندما نام
حلم مرة أخرى بأنه يقلّم أفرع أشجار كثيرة متنقّلًا بين هذا وذاك وسعادته
غامرة.
حانت استراحة ما بين الحصص.
لم يذهب سعد إلى المقصف ولا أحسّ بالجوع ولا بالعطش، بل تسلّل خلسة إلى
الحديقة محاذرًا الالتقاء بأحد المدرسين وبرغم أن بابها كان مقفلا إلا
أنه ليس عاليًا فقفز، وفي الحال نسي خوفه، ودخل عبر أغصان الأشجار
الكثيفة.. مشى حتى استقرّ عند شجرة النّبق المحاذية للسور، ومن هناك أخذ
يعدّ الأشجار: نخلة بجوار الصف الرابع، أربع أمام نافذة صفّه، مشتل جزر
تحت نافذة مكتب المدير، نخلة…
توقّف عن العدّ: هناك ياسمينة ذابلة، المسكينة لم يعتنوا بها. قال في
نفسه، وقام يبحث عن خرطوم الماء. ويبدو أنه استغرق في البحث حين فاجأه
مدرّس الرياضيات صائحًا: تهرب من الحصة لتضيّع وقتك هنا.
أحسّ سعد بالكره نحو مدرّس الرياضيات وبرغبة في البكاء. جفّفت أمّه دموعه
لكنه قال لها: هذا المدرّس لا يحب الأشجار، ولذلك أنا لا أحبّه. ولم
يتوقف عن البكاء إلا وقت بدء المسلسل.
جاء إليه والده بشجرة وضعها قرب التلفاز. فرح سعد بالشجرة يومين، وفيما
بعد قال بنبرة الحزن ذاتها: لكن أوراق شجرة العنب الملاصقة لنافذة جولييت
تصعد من الحديقة، ويحيط بها بساط أخضر. هذه ليست شجرة، هذه لا يحط على
غصنها عصفور. وكانت هناك أربع كراسات رسم ملأها سعد باللون الأخضر، وكان
حزنه يزداد ولا يزول إلا عندما يتجوّل في حديقة جولييت.
الأب فقد الحيلة.
الأم أُسقِط في يدها.
سعد يفكّر في الحديقة. أحيانًا تحطّ الطيور على حافة نافذة جولييت فتضحك
ويضحك معها سعد، أما بعد المسلسل فتقضي أمّه وقتًا طويلا تهدّىء بكاءه:
انظر يا حبيبي، الشجرة التي جلبها أبوك، إنها تكبر.
انفجر سعد باكيًا: هذه ليست حديقة، أنا لا أريد هذه الشجرة.
أهدت أمه الشجرة لجارتها، ولكن بالفعل بدأ القلق، الذي ما زال والداه
يحسبانه عابرًا، بدأ يخيّم على البيت.
سعد يبكي، سعد يحب الحديقة. سعد يقيم في شقة في الطابق الخامس عشر. سعد
طفل جميل يمشي نحو سنته التاسعة، ولا يريد من العالم سوى حديقة مليئة
بالأشجار والعصافير.
أكثر من أي وقت مضى يزداد حزن سعد الآن. مسلسل جولييت انتهى وأشجار
الشارع يشاهدها في الذهاب إلى المدرسة والعودة منها، أما أشجار المدرسة
فهي لمدرّس الرياضيات الذي يكرهها.
ينام سعد ويقلّم الأشجار في الحلم، ولكن ياللحزن إنها تختفي في الصباح.
تلك أشجاره الخاصة يلمسها ويشمّها، ويغرس أخرى جديدة. في أثناء مشاهدته
حديقة جولييت تصبح في بيته حديقة جميلة بالفعل، ويوميّا، لنصف ساعة على الأقل، يستمتع، ويمرح بالتجوّل فيها، أما الآن فقد اختلف الأمر على نحو يبعث على الخوف.
في غرفة سعد حديقة بها خمس عشرة شجرة فوقها عشرون طائرًا وثلاثة تلال من
المرج الأخضر ونافورة، لكن أغصان الأشجار التي يقلّمها في الحلم أجمل،
لها روائح وثمار وملمس حلو وعصافير تزقزق وليست بلاستيكية. ولم يعرف
والداه ماذا أصابه حين وجداه يغنّي بصوت متهدّج:
الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
ووجدا الحديقة البلاستيكية مكسّرة.
كانت الدموع تتقاطر من عيني سعد ولم تملك أمّه إلا أن بكت هي الأخرى
وحضنته، ثم أخذته إلى الصالة، محاولة أن تنسيه حزنه، سألته: ماذا درست
اليوم يا سعد؟ خفّ بكاء سعد، ولكنه قال وكلامه ينساب حزينًا: شجرة النبق
يا أمي.
قالت أمّه: نعم.
قال سعد: شجرة النبق التي تتدّلى بعض فروعها خارج سور المدرسة.
قالت أمّه: نعم يا حبيبي، ما بها؟
قال سعد: سيقطعها يا أمي.
ومن جديد تعالى بكاء سعد، وخافت أمّه عليه، وأحسّت مثله بالحزن على الشجرة وسألته:
ومن سيقطعها يا سعد؟
قال سعد: مدرّس الرياضيات.
فسألت الأم والقلق يضاعف دقات قلبها: ولماذا؟
قال سعد: قال لي مدرّس الرياضيات: إذا رأيتك مرة أخرى تنشغل بالنظر إلى
الشجرة سأقطعها.
قالت أمّه: اطمئن يا سعد. المدرس لا يقصد إلا تنبيهك لدروسك.
في هذا الوقت أقبل أبوه ضاحكًا، وكان قد سمع حوار سعد وأمّه بينما كان
واقفًا في الشرفة.
قال: لا يا بني، إن مدرّس الرياضيات مثلك يحب الأشجار، ولن يقطع شجرة
النبق بالتأكيد. كلنا يا بني نحب الأشجار.
لم يقتنع سعد إطلاقًا بما سمعه من والديه عن مدرّس الرياضيات. أمّا
والداه فوعداه إذا واظب على دروسه، وحاز درجات عالية في نهاية السنة التي
اقتربت أن يأخذاه إلى نزهة طويلة في القرية البعيدة التي يسكن فيها جدّه
لأبيه، حيث تكثر أشجار النخيل والمانجو والأفلاج والعصافير والأغنام.
وكان سعد قد زار القرية عدة مرات دون أن يتسنّى له قضاء وقت طويل هناك،
ولأن آخر مرة كانت منذ عام ونصف تقريبًا، فقد نسي ذلك العالم المختلف
تمامًا عن بيتهم وعن حدائق المدينة.
قفز سعد صائحًا: أجل يا أبي هناك عند جدّي ستكون لي حديقة كحديقة جولييت.
امتلأ سعد ببهجة مفاجئة بعد ذلك الوعد، وركض إلى النافذة، وحدّق عبرها
نحو الشوارع التي تبدو صغيرة وبعيدة، وتخيّل أسرابًا من العصافير الملونة
ستحطّ على كل أشجار المدينة، وتبني فوقها أعشاشها. وسُرّ لذلك السحر
العجيب الذي تملأ به الأشجار عينيه وتبعثه في نفسه نشاطًا.
كان سعد يشعر بذلك على نحو تلقائي دون التفكير في سببه أو السؤال عنه.
وعندما أوى إلى فراشه سرعان ما غطّ في النوم العميق.
في أثناء عودته راكبًا حافلة المدرسة نظر سعد طويلا إلى البناية ذات
الخمسة عشر طابقًا التي يسكن فيها. بدت له بنوافذها الزجاجية العاكسة
لأشعة الشمس وأعمدتها الحمراء المتعانقة عند السطح المنتهي بمكعبات
بُنيّة مُثقّبة، بدت له مثل علبة بسكويت ضخمة ما بداخلها من بسكويت يكفي
أطفال مدينته لخمسين سنة!. كان جالسًا في المقعد الأخير للحافلة والأطفال
الآخرون يتصايحون، ويغنّون، ويحضنون حقائبهم، وأمعن التحديق مرة أخرى
وتخيّل نباتات بنفسجية لها سيقان خضراء رفيعة تصعد من أسفل البناية عابرة
الأعمدة مُغطّيةً النوافذ. ولكنّ وقوف الحافلة أمام البناية قطع عليه حبل
أحلامه فهبط مسرعًا حتى كاد يتعثّر، فبدت له البناية كائنًا إسمنتيًّا
خرافيًّا، ومع هذا دخلها كما يدخلها كل مرة إذ إن عادة الأطفال تؤهّلهم
ليكونوا كبارًا دون معرفة منهم، ولما انفتح باب المصعد في الطابق الخامس
عشر انحرف سعد إلى الجهة اليسرى، هناك الشقة حيث يسكن، وانحنى نحو
الدوّاسة، وأخذ من تحتها المفتاح، فتح الباب ودخل.
لا يوجد أحد غيره في المنزل. أخبرته أمّه بأنها وأباه مدعوّان للغداء لدى
أحد أصدقاء العائلة.
ما كان من سعد أول ما دخل البيت إلا أن جلس يجرّب أشرطة الرسوم
المتحرّكة، ويدخل شريطًا ويخرج آخر. وكان قد شاهد الشريط الواحد منها
مرتين أو ثلاثًا، ولكن ولسبب غير واضح جرّب الأشرطة كلها، وكأنه يتوقّع
أن يجد مسلسل جولييت، وسرعان ما تأفّف فأغلق التلفزيون.
كانت أمّه أعدّت له غداءه قبل خروجها مع أبيه. لم يشتهِ الأكل. ولم يدخل
المطبخ أصلا بل دخل غرفته، وارتدى ملابس البيت، وفرد كتبه على الطاولة
محاولًا إنجاز واجباته، وحتى هذه المحاولة كانت عبثًا إذ غلبه النعاس،
ونام ودفتره في يده.
الآن سعد نائم ودفتره في يده. على جدران غرفته صور لأشجار قطعها من
المجلات والجرائد التي يأتي بها أبوه يوميًّا. في كراسات رسمه صفحات
كثيرة ملوّنة باللون الأخضر، وحتى في الحمام يستخدم سعد فرشاة أسنان
خضراء ومعجونًا أخضر بنكهة النعناع. ستارة غرفته خضراء، لكن نافذته تطلّ
على موقف سيارات وبنايتين يتوازى طولهما وطول البناية التي يسكن.
كل شيء تغيّر منذ ذلك اليوم حين بثّ التلفاز مسلسل حديقة جولييت، وأصبح
البيت أخضر. كان حب سعد للخضرة عاديًّا، ثم صار شرهًا مشوبًا بالحزن،
فنحن دائمًا نحزن عندما نفقد الأشياء التي نحبّها.
الآن وسعد نائم يحرّك الهواء أغصان أشجار بعيدة في الشوارع والمدرسة
وحديقة جولييت وأماكن لا يعرفها يراها سعد في الحلم فقط، خضراء، تنبثق
عبرها الزقزقة.. إنه يحلم ويبتسم.
وهكذا استيقظ سعد على صوت أمّه الحنون فقام وتناول غداءه بعد ساعتين
تقريبًا من نومه على المنضدة، وتبادل الأحاديث المرحة مع والديه. ومساءً
أخذه والداه معهما إلى السوق، ثم إلى محلّ الألعاب وبعد عودتهم استذكر
دروسه، وأحسّ بالسكون والطمأنينة.
انقضت أيام المدرسة وها هو ذا يتهيّأ للسفر مع والديه لزيارة جديّه في
القرية البعيدة. سوف يمضون عشرين يومًا هناك وسعد سعيد جدًّا لأنه نجح
بتفوّق كعادته ومشتاق لرؤية جديّه وأقاربه في القرية المزروعة بالنخيل
والمانجو والمغرّدة فوقها العصافير والحمام.
حملوا حقائبهم وأكلا وماءً للطريق، وانطلقوا مع الفجر، وما لبثت الشمس أن
طلعت فهتف سعد فرحًا بمشهدها الأخّاذ: يا الله كأنها برتقالة كبيرة.
تضاحك والداه وفرحا لفرحه، بينما بدأت مشاهد الصحراء على جانبي الطريق،
وكان سعد مستمتعًا برؤية التلال الذهبية المرتفعة بمنحدراتها الصقيلة
الشبيهة بالزلاجة في حديقة المدينة، والأكثر من ذلك أُعجِب سعد بكثرتها
وامتدادها على مدّ البصر.
قال أبوه: لكل شيء مكانه يا سعد، فالرمال في الصحراء والأسماك في البحر
والأشجار في الحديقة.
هزّ سعد رأسه موافقًا، وسأل:
ماذا خلف تلك الرمال البعيدة يا أمي؟.
قالت أمه: ربما مدن، وربما قرى، وبالتأكيد هناك ناس وأطفال جميلون مثلك يا حبيبي.
أما في قرية جدّيه فثمّة مفاجآت حلوة وطيور وأشجار وأطفال ينتظرون سعدًا،
وهو متلهّف لكل ذلك ولن يطول انتظاره طالما هم الآن على مشارف القرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق