الثلاثاء، 6 مايو 2014

أحمد شوقي رائد شعر الطفل





كان رائداً في أدب الأطفال ، حين قدم كثيراً من الحكايات والقصص الشعرية التي تتناول الحيوان وغيره ، وخص بها الأطفال ، والقطاعات الشعبية .وكان تحرك شوقي في هذا المضمار بناء على ما شاهده في فرنسا- إبان بعثته- من احتفائهم بأدب الأطفال، وطبقا لما قرأه للشاعر الفرنسي الشهير " لامرتين " الذي استفاد من قصص " كليلة ودمنة "، واختار بعضها، وأعاد صياغتها وإبرازها بأسلوب شعري أخاذ، يناسب الأطفال.. لنقرأ له:
قصة " اليمامة والصياد
يمامة كانت بأعلى الشجرة = آمنة في عشها مستترة
فأقبل الصياد ذات يوم = وحام حول الروض أي حومِ
فلم يجد للطير فيه ظلا = وهم بالرحيل حين ملاَّ
فبرزت من عشها الحمقاء = والحمق داء ماله دواء
تقول جهلا بالذي سيحدث = يا أيها الإنسان عما تبحث؟
فالتفت الصياد صوب الصوت = ونحوه سدد سهم الموت
فسقطت من عرشها المكين = ووقعت في قبضة السكين
تقول قول عارفٍ محقق = ملكت نفسي لو ملكت منطقي
قصة الثعلب والديك :

برز الثعلب يوماً = في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهدي = ويسب الماكرينا
ويقول: الحمد لله = إله العالمينا
يا عباد الله ، توبوا = فهو كهف التائبينا
وازهدوا في الطيران = العيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديك يؤذن = لصلاة الصبح فينا
فأتى الديك رسول = من إمام الناسكينا
عرض الأمر عليه = وهو يرجو أن يلينا
فأجاب الديك عذراَ = يا أضل المهتدينا
بلغ الثعلب عني = عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان ممن = دخل البطن اللعينا
إنهم قالوا، وخير القول = قول العارفينا
مخطئ من ظن يوماَ = أنّ للثعلب دينا
وطبعا يبدو واضحاً العبرة والهدف من وراء القصة الشعرية ، فهي بسيطة ومعبرة بقدر يفهمه الأطفال ويحبونه ، ومن منا لم يعجب بروعة هذا الأسلوب وجماله ونحن لم نزل حتى يومنا هذا نحفظ بعض هذه الأبيات الجميلة المغناة التي رسخت في الذهن منذ الطفولة وأحببناها لحلاوة الأسلوب وروعة الفكرة وجمال وسهولة اللفظ.
ويبدو أن شوقي حاول الحفاظ على إشراقة أسلوبه، ودقة تعبيره، وإبراز الفكرة- أو الحكمة- التي يريد تجليتها، وهي معادلة صعبة، لا بد وأن تجر إلى شيء من هذا، فضلا عن أن الطفل، في حاجة إلى إثراء حصيلته اللغوية، والتعود على الأساليب الرصينة الجميلة، ومن ثم لم يكن أمامه سوى أن يفعل ذلك، ويكفي شوقي فخراً ريادته في هذا المجال، ودعوته لشعراء العربية وأدبائها إلى المساهمة في تدعيم وتكرار هذه التجربة في أدب الطفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق