الخميس، 29 مايو 2014

قصة من التراث العماني للقاص سالم آل تويّه


الحديقة لسالم آل تويّه..

في مسلسل الرسوم المتحرّكة كان سعد يرى الأشجار تكبر وجولييت تسقيها
يوميًّا، وتبتهج وهي تراها متألّقةً وخضراء.
سعد يذهب إلى المدرسة كل يوم، يستيقظ مبكّرًا، يغسل أسنانه، يستحمّ وينزل
الطوابق الخمسة عشر نشيطًا ومستعدًّا لاستقبال الدروس.
وما إن يركب الحافلة حتى يبدأ صفّان من الأشجار على جانبي الطريق، يشعر
سعد بالألفة والسرور كلما رآها، أشجار لا تنتهي إلا عند تقاطعات إشارات
المرور قرب المدرسة. كان سعيدًا لأن الاخضرار موجود أيضًا في المدرسة،
وكانت سعادته تكبر لأن تحصيلة الدراسي جيّد جدًّا.. إنه الآن في الصف
الثالث.
مقعده في الصف بجوار النافذة، وعندما يلتفت يطالع الأشجار الخضراء وفوقها
طيور ملوّنة تزقزق. وكان يقول في نفسه: "ما أجمل الأشجار والعصافير!".
ويتخلّل نظرَه أغصانُ الشجرة القريبة فيرى خلفها أربع نخلات يتذكّر أكبرها كانت منذ سنتين بطول قامته، وكان هو في الصف الأول، ويرى أيضًا شجرة توت بجوار شجرة النّبق العالية التي تتدلّى بعض أغصانها خارج سور المدرسة.
ولكن؛ منذ أسبوعين، أحسّ سعد بأن الأشجار صديقته واكتشف أنها تشبهه وتشبه
الأولاد الصغار الآخرين لأنها تكبر مثلهم، واستغرب من قناعتها لأنها تعيش
بالماء فقط، بينما نحن البشر نعيش بالماء والحلوى والحليب واللحم. وصار
كلما هرع إلى النوم يحلم بشجرة توت يقلّم أغصانها، ويجمع ثمارها في سلال
يوزّع بعضها على أصدقائه.
منذ أسبوعين ازداد حب سعد للأشجار، أي منذ بدأ مسلسل الرسوم المتحرّكة
ذاك. وأحبّ جولييت المخلصة للأشجار فهي تسقيها بعناية وفرح، حتى إنه حفظ
أغنية المسلسل منذ عرْض حلقته الثالثة، وأصبح يردّد مع صوت جولييت:

الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
في الثالثة بعد الظهر يعود سعد من المدرسة، يسلّم على أمّه، يبدّل ملابسه
ويغسل وجهه ليجدّد انتعاشه بعد مجهود الدروس، وحين ينتهي من ترتيب كتبه
يكون أبوه قد عاد هو الآخر من العمل فيجتمعون ثلاثتهم على مائدة الغداء.
ليس لسعد أخ يشاهد معه جولييت وهي تسقي الأشجار في حديقة منزلها، وربما
بسبب ذلك يداهمه الحزن كلما دخل منزله، إذ بمجرد غلقه الباب تغيب
الأشجار، وتحيط به الجدران من كل الجهات، ويتوجّب عليه أن يطلّ من
النافذة فيزداد حزنه فالأشجار من هنا تبدو صغيرة وبعيدة، ولو مدّ يده فلن
يلمس أوراقها الخضراء، ولن يشمّ روائحها الزكية.
أصدقاؤه يشاهدون جولييت في بيوتهم، وفي فُسح المدرسة صار سعد يحدثهم عن
الإبريق الرشاش الذي تسقي به جولييت الياسمين وعن الرمانة الكبيرة التي
قطفتها البارحة بينما هم يشترونها من البقالة، ولكن هذا لا يكفي.
تقول له أمه: الخسّ لذيذ ومليء بالفيتامينات يا سعد. كلّه يمنح جسمك الصحة.
قال سعد: جولييت تزرعه في بيتها، أبوها يعلّمها أسماء الأشجار والنباتات.
سأله والده مندهشًا: من جولييت هذه؟
أجاب سعد: إنها بطلة المسلسل، تسقي الأشجار، وتقطف الرّمان من حديقة بيتها.
تضاحَك والداه ووعده أبوه برمّانات كبيرة حمراء سيجلبها له في المساء.
ولمّا حان وقت المسلسل جلس سعد أمام التلفاز، وانشغلت حواسّه كليّةً
بحديقة جولييت. الناظر إليه يعجَب من ذهوله وانشداهه وغبطته بما يحدث،
وكأنه ليس موجودًا هنا –في البيت- بل هناك في حديقة جولييت، حيث يمدّ
الخرطوم الطويل ليتمكّن من سقي التينة التي في طرفها، ويشذّب أفرع شجرة
التوت، ويقبض حفنة من البذور، وينثرها على امتداد السور. وبالفعل إن
سعدًا هناك الآن يفعل كل ذلك مُصغيًا لزقزقة العصافير ومنشغلًا، في الوقت
نفسه، بإهالة السماد حول شتلات لا يعرف أسماءها بعد.
انتهى المسلسل وظلّ سعد مبتسمًا بعض الوقت، لكنه ما لبث أن انتبه إلى أنه
موجود في البيت وليس في الحديقة بدليل أن أمّه الجالسة إلى جواره هتفت
ضاحكة: ما اسم تلك البذور؟
خرج سعد تمامًا من التلفاز مثل من استيقظ من حلم مجيبًا عن سؤالها: غدًا،
غدًا يا أمي سأعرف.
قالت أمّه مستشعرةً ما انتابه من حزن: إلى هذه الدرجة تحب الحديقة يا حبيبي؟
ولكنّي لا أراها إلا في الشارع والمدرسة والتلفاز يا أمي.
ولم تجد الأم كلامًا تعلّل به ابنها، أما هو فأحضر كراسة الرسم ولوّن
إحدى صفحاتها باللون الأخضر، وأخذ يغنّي:
الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
وفي المساء أطعمته أمّه حبّات الرمان، وشرح له أبوه دروسه. وعندما نام
حلم مرة أخرى بأنه يقلّم أفرع أشجار كثيرة متنقّلًا بين هذا وذاك وسعادته
غامرة.
حانت استراحة ما بين الحصص.
لم يذهب سعد إلى المقصف ولا أحسّ بالجوع ولا بالعطش، بل تسلّل خلسة إلى
الحديقة محاذرًا الالتقاء بأحد المدرسين وبرغم أن بابها كان مقفلا إلا
أنه ليس عاليًا فقفز، وفي الحال نسي خوفه، ودخل عبر أغصان الأشجار
الكثيفة.. مشى حتى استقرّ عند شجرة النّبق المحاذية للسور، ومن هناك أخذ
يعدّ الأشجار: نخلة بجوار الصف الرابع، أربع أمام نافذة صفّه، مشتل جزر
تحت نافذة مكتب المدير، نخلة…
توقّف عن العدّ: هناك ياسمينة ذابلة، المسكينة لم يعتنوا بها. قال في
نفسه، وقام يبحث عن خرطوم الماء. ويبدو أنه استغرق في البحث حين فاجأه
مدرّس الرياضيات صائحًا: تهرب من الحصة لتضيّع وقتك هنا.
أحسّ سعد بالكره نحو مدرّس الرياضيات وبرغبة في البكاء. جفّفت أمّه دموعه
لكنه قال لها: هذا المدرّس لا يحب الأشجار، ولذلك أنا لا أحبّه. ولم
يتوقف عن البكاء إلا وقت بدء المسلسل.
جاء إليه والده بشجرة وضعها قرب التلفاز. فرح سعد بالشجرة يومين، وفيما
بعد قال بنبرة الحزن ذاتها: لكن أوراق شجرة العنب الملاصقة لنافذة جولييت
تصعد من الحديقة، ويحيط بها بساط أخضر. هذه ليست شجرة، هذه لا يحط على
غصنها عصفور. وكانت هناك أربع كراسات رسم ملأها سعد باللون الأخضر، وكان
حزنه يزداد ولا يزول إلا عندما يتجوّل في حديقة جولييت.
الأب فقد الحيلة.
الأم أُسقِط في يدها.
سعد يفكّر في الحديقة. أحيانًا تحطّ الطيور على حافة نافذة جولييت فتضحك
ويضحك معها سعد، أما بعد المسلسل فتقضي أمّه وقتًا طويلا تهدّىء بكاءه:
انظر يا حبيبي، الشجرة التي جلبها أبوك، إنها تكبر.
انفجر سعد باكيًا: هذه ليست حديقة، أنا لا أريد هذه الشجرة.
أهدت أمه الشجرة لجارتها، ولكن بالفعل بدأ القلق، الذي ما زال والداه
يحسبانه عابرًا، بدأ يخيّم على البيت.
سعد يبكي، سعد يحب الحديقة. سعد يقيم في شقة في الطابق الخامس عشر. سعد
طفل جميل يمشي نحو سنته التاسعة، ولا يريد من العالم سوى حديقة مليئة
بالأشجار والعصافير.
أكثر من أي وقت مضى يزداد حزن سعد الآن. مسلسل جولييت انتهى وأشجار
الشارع يشاهدها في الذهاب إلى المدرسة والعودة منها، أما أشجار المدرسة
فهي لمدرّس الرياضيات الذي يكرهها.
ينام سعد ويقلّم الأشجار في الحلم، ولكن ياللحزن إنها تختفي في الصباح.
تلك أشجاره الخاصة يلمسها ويشمّها، ويغرس أخرى جديدة. في أثناء مشاهدته
حديقة جولييت تصبح في بيته حديقة جميلة بالفعل، ويوميّا، لنصف ساعة على الأقل، يستمتع، ويمرح بالتجوّل فيها، أما الآن فقد اختلف الأمر على نحو يبعث على الخوف.
في غرفة سعد حديقة بها خمس عشرة شجرة فوقها عشرون طائرًا وثلاثة تلال من
المرج الأخضر ونافورة، لكن أغصان الأشجار التي يقلّمها في الحلم أجمل،
لها روائح وثمار وملمس حلو وعصافير تزقزق وليست بلاستيكية. ولم يعرف
والداه ماذا أصابه حين وجداه يغنّي بصوت متهدّج:
الأشجار الخضراء السعيدة
تظلّل العابرين المتعبين
كل العابرين، كل المتعبين
تحطّ فوقها الطيور المغتبطة
وتطير من حقلٍ إلى حقلٍ
وتحتها بساط المروج الأخضر
ووجدا الحديقة البلاستيكية مكسّرة.
كانت الدموع تتقاطر من عيني سعد ولم تملك أمّه إلا أن بكت هي الأخرى
وحضنته، ثم أخذته إلى الصالة، محاولة أن تنسيه حزنه، سألته: ماذا درست
اليوم يا سعد؟ خفّ بكاء سعد، ولكنه قال وكلامه ينساب حزينًا: شجرة النبق
يا أمي.
قالت أمّه: نعم.
قال سعد: شجرة النبق التي تتدّلى بعض فروعها خارج سور المدرسة.
قالت أمّه: نعم يا حبيبي، ما بها؟
قال سعد: سيقطعها يا أمي.
ومن جديد تعالى بكاء سعد، وخافت أمّه عليه، وأحسّت مثله بالحزن على الشجرة وسألته:
ومن سيقطعها يا سعد؟
قال سعد: مدرّس الرياضيات.
فسألت الأم والقلق يضاعف دقات قلبها: ولماذا؟
قال سعد: قال لي مدرّس الرياضيات: إذا رأيتك مرة أخرى تنشغل بالنظر إلى
الشجرة سأقطعها.
قالت أمّه: اطمئن يا سعد. المدرس لا يقصد إلا تنبيهك لدروسك.
في هذا الوقت أقبل أبوه ضاحكًا، وكان قد سمع حوار سعد وأمّه بينما كان
واقفًا في الشرفة.
قال: لا يا بني، إن مدرّس الرياضيات مثلك يحب الأشجار، ولن يقطع شجرة
النبق بالتأكيد. كلنا يا بني نحب الأشجار.
لم يقتنع سعد إطلاقًا بما سمعه من والديه عن مدرّس الرياضيات. أمّا
والداه فوعداه إذا واظب على دروسه، وحاز درجات عالية في نهاية السنة التي
اقتربت أن يأخذاه إلى نزهة طويلة في القرية البعيدة التي يسكن فيها جدّه
لأبيه، حيث تكثر أشجار النخيل والمانجو والأفلاج والعصافير والأغنام.
وكان سعد قد زار القرية عدة مرات دون أن يتسنّى له قضاء وقت طويل هناك،
ولأن آخر مرة كانت منذ عام ونصف تقريبًا، فقد نسي ذلك العالم المختلف
تمامًا عن بيتهم وعن حدائق المدينة.
قفز سعد صائحًا: أجل يا أبي هناك عند جدّي ستكون لي حديقة كحديقة جولييت.
امتلأ سعد ببهجة مفاجئة بعد ذلك الوعد، وركض إلى النافذة، وحدّق عبرها
نحو الشوارع التي تبدو صغيرة وبعيدة، وتخيّل أسرابًا من العصافير الملونة
ستحطّ على كل أشجار المدينة، وتبني فوقها أعشاشها. وسُرّ لذلك السحر
العجيب الذي تملأ به الأشجار عينيه وتبعثه في نفسه نشاطًا.
كان سعد يشعر بذلك على نحو تلقائي دون التفكير في سببه أو السؤال عنه.
وعندما أوى إلى فراشه سرعان ما غطّ في النوم العميق.
في أثناء عودته راكبًا حافلة المدرسة نظر سعد طويلا إلى البناية ذات
الخمسة عشر طابقًا التي يسكن فيها. بدت له بنوافذها الزجاجية العاكسة
لأشعة الشمس وأعمدتها الحمراء المتعانقة عند السطح المنتهي بمكعبات
بُنيّة مُثقّبة، بدت له مثل علبة بسكويت ضخمة ما بداخلها من بسكويت يكفي
أطفال مدينته لخمسين سنة!. كان جالسًا في المقعد الأخير للحافلة والأطفال
الآخرون يتصايحون، ويغنّون، ويحضنون حقائبهم، وأمعن التحديق مرة أخرى
وتخيّل نباتات بنفسجية لها سيقان خضراء رفيعة تصعد من أسفل البناية عابرة
الأعمدة مُغطّيةً النوافذ. ولكنّ وقوف الحافلة أمام البناية قطع عليه حبل
أحلامه فهبط مسرعًا حتى كاد يتعثّر، فبدت له البناية كائنًا إسمنتيًّا
خرافيًّا، ومع هذا دخلها كما يدخلها كل مرة إذ إن عادة الأطفال تؤهّلهم
ليكونوا كبارًا دون معرفة منهم، ولما انفتح باب المصعد في الطابق الخامس
عشر انحرف سعد إلى الجهة اليسرى، هناك الشقة حيث يسكن، وانحنى نحو
الدوّاسة، وأخذ من تحتها المفتاح، فتح الباب ودخل.
لا يوجد أحد غيره في المنزل. أخبرته أمّه بأنها وأباه مدعوّان للغداء لدى
أحد أصدقاء العائلة.
ما كان من سعد أول ما دخل البيت إلا أن جلس يجرّب أشرطة الرسوم
المتحرّكة، ويدخل شريطًا ويخرج آخر. وكان قد شاهد الشريط الواحد منها
مرتين أو ثلاثًا، ولكن ولسبب غير واضح جرّب الأشرطة كلها، وكأنه يتوقّع
أن يجد مسلسل جولييت، وسرعان ما تأفّف فأغلق التلفزيون.
كانت أمّه أعدّت له غداءه قبل خروجها مع أبيه. لم يشتهِ الأكل. ولم يدخل
المطبخ أصلا بل دخل غرفته، وارتدى ملابس البيت، وفرد كتبه على الطاولة
محاولًا إنجاز واجباته، وحتى هذه المحاولة كانت عبثًا إذ غلبه النعاس،
ونام ودفتره في يده.
الآن سعد نائم ودفتره في يده. على جدران غرفته صور لأشجار قطعها من
المجلات والجرائد التي يأتي بها أبوه يوميًّا. في كراسات رسمه صفحات
كثيرة ملوّنة باللون الأخضر، وحتى في الحمام يستخدم سعد فرشاة أسنان
خضراء ومعجونًا أخضر بنكهة النعناع. ستارة غرفته خضراء، لكن نافذته تطلّ
على موقف سيارات وبنايتين يتوازى طولهما وطول البناية التي يسكن.
كل شيء تغيّر منذ ذلك اليوم حين بثّ التلفاز مسلسل حديقة جولييت، وأصبح
البيت أخضر. كان حب سعد للخضرة عاديًّا، ثم صار شرهًا مشوبًا بالحزن،
فنحن دائمًا نحزن عندما نفقد الأشياء التي نحبّها.
الآن وسعد نائم يحرّك الهواء أغصان أشجار بعيدة في الشوارع والمدرسة
وحديقة جولييت وأماكن لا يعرفها يراها سعد في الحلم فقط، خضراء، تنبثق
عبرها الزقزقة.. إنه يحلم ويبتسم.
وهكذا استيقظ سعد على صوت أمّه الحنون فقام وتناول غداءه بعد ساعتين
تقريبًا من نومه على المنضدة، وتبادل الأحاديث المرحة مع والديه. ومساءً
أخذه والداه معهما إلى السوق، ثم إلى محلّ الألعاب وبعد عودتهم استذكر
دروسه، وأحسّ بالسكون والطمأنينة.
انقضت أيام المدرسة وها هو ذا يتهيّأ للسفر مع والديه لزيارة جديّه في
القرية البعيدة. سوف يمضون عشرين يومًا هناك وسعد سعيد جدًّا لأنه نجح
بتفوّق كعادته ومشتاق لرؤية جديّه وأقاربه في القرية المزروعة بالنخيل
والمانجو والمغرّدة فوقها العصافير والحمام.
حملوا حقائبهم وأكلا وماءً للطريق، وانطلقوا مع الفجر، وما لبثت الشمس أن
طلعت فهتف سعد فرحًا بمشهدها الأخّاذ: يا الله كأنها برتقالة كبيرة.
تضاحك والداه وفرحا لفرحه، بينما بدأت مشاهد الصحراء على جانبي الطريق،
وكان سعد مستمتعًا برؤية التلال الذهبية المرتفعة بمنحدراتها الصقيلة
الشبيهة بالزلاجة في حديقة المدينة، والأكثر من ذلك أُعجِب سعد بكثرتها
وامتدادها على مدّ البصر.
قال أبوه: لكل شيء مكانه يا سعد، فالرمال في الصحراء والأسماك في البحر
والأشجار في الحديقة.
هزّ سعد رأسه موافقًا، وسأل:
ماذا خلف تلك الرمال البعيدة يا أمي؟.
قالت أمه: ربما مدن، وربما قرى، وبالتأكيد هناك ناس وأطفال جميلون مثلك يا حبيبي.
أما في قرية جدّيه فثمّة مفاجآت حلوة وطيور وأشجار وأطفال ينتظرون سعدًا،
وهو متلهّف لكل ذلك ولن يطول انتظاره طالما هم الآن على مشارف القرية.

الأربعاء، 14 مايو 2014

قصة من التراث الشعبي العماني" كاف عيلة"



كاف عيلة
كان يا مكان كان هناك رجل يدعى (كاف عيله) يسكن في بيت صغير هو وزوجته في بلدة ما ولم يكن لديهم أبناء ,وفي أحد الأيام إشتكى الناس للحاكم من دابة تأكل أطفالهم موجودة في منطقة قريبة من البلدة , فاحتار الحاكم ماذا يفعل فأشار إليه بعض الناس بتوكيل كاف عيله بمهمة القضاء عليها , فطلب الحاكم من كاف عيله الحضور إليه ,وعندما حضر كاف عيله عند الحاكم قال له الحاكم :كاف عيله ترا حنا حترنا مين أيقتل الدابة وما لقينا حد غيرك يقتلها واذا قتلتها عندي لك مكافئة .فأجابه كاف عيله قائلا:ولا يهمك شي وأنا إن شاء الله أقتلها هذي الليلة.عاد كاف عيلة إلى زوجته وقال لها :أقولش ترا أنا خبرت الجماعة إني أقتل الدابة هذي الليلة وأنا ما أقدر أقتلها لكن حنا أنروح من ذي لبلاد الليلة تجهزي فنص الليل أنروح.وعند منتصف الليل خرجا من البلدة  وكان كاف عيله يمشي و زوجته في الأمام وكان يمسك بطرف حجابها من الخلف من شدة خوفه ,وكانت الدابة قريبة منهما عندما كانا يمشيان في الطريق قالت زوجته له :هذي الدابة بو توكل الصغارقدامنا.خاف كاف عيله ومن شدة خوفه صرخ صرخة قوية جعلت الدابة تترنح حتى سقطت من على شرف كان قريب منها ,فقالت له زوجته: أقولك ترا الدابة طاحت و ماتت.قال كاف عيله:مو طاحت ؟ أقولش حنا أنرجع البلد لكن روحي إنتي قصي راس هذي الدابة .عاد كاف عيله وزوجته للبلدة , وفي الصباح لطخ كاف عيله نفسه بالدم وذهب إلى الحاكم وهو يحمل رأس الدابة , وقال كاف عيله للحاكم : هذا راس الدابة بو توكل الصغار.أما الحاكم ففرح وثنى عليه وأعطاه مكافئة قيمة .
وبعد عدة أيام حدثت سرقة لخزنة الحاكم ,وقال الحاكم : ما حد غير كاف عيله أيحلها.فطلب الحاكم من كاف عيله الحضور,فجاء كاف عيله وأخبره الحاكم بما جرى فرد عليه كاف عيله قائلاً: ولا يهمك بس باغي منك تجمعلي كل أهل البلاد عشان أشوفهم.طلب الحاكم من جنوده بفعل ما أمر به كاف عيله , فحضر جميع أهل البلاد , فقال الحاكم لكاف عيله :كما قلت أهل البلدة كلهم حضروا , فقال كاف عيله : خلاص رخصهم أنا عرفتهم بو سارقين وباكر بو مسروق أيكون معك .  عاد كاف عيله إلى منزله وقال لزوجته: أنا اليوم قلت أحال الحاكم إني أرجع بو مسروق وأنا ما أعرف مين بو سارق  بس إنتي تجهزي الليلة أنروح لوم تطلع الثريا.وفي الليل ظن اللصوص الذي كان عددهم سبعة أن كاف عيله قد عرفهم فقرروا أن يعيدوا المسروقات إليه دون أن يراهم فذهبوا متجهين إلى بيته وإختبؤا خلف الجدار,أما كاف عيله فكان يستعد للرحيل فخرج إلى الخارج وبدأ بعد النجوم فقال: طلع واحد .ظن اللصوص أنه قد رأى أحدا منهم .ثم قال :هووه طلع الثاني .فظن اللصوص أنه قد رأى أحدا آخر,فظل كاف عيله يعد النجوم حتى وصل إلى الرقم سبعة .أما اللصوص فمن خوفهم أسرعو إلى كاف عيله ,وقالوا له:ترا حنا  ناويين نرجع لفلوس وهذي الفلوس و ما تخبر الحاكم الله يخليك وسامحنا عاد وما أنعودها مرة ثانية .أم كاف عيله فكان من خوفه متبطحا في الأرض ,وكانت زوجته قريبة منه وقالت له:هذلا اللصوص .فطلب منها أن تأخذ المسروقات وقام وقال لهم: لو ما رجعتوا بو سارقينو كنتو أتشوفو شي ما شفتو فحياتكم، الحين إنتو روحو وأنا أتصرف وما أخبر الحاكم إن شاء الله.فالصباح ذهب كاف عيله إلى الحاكم وأعاد إليه المسروقات ,وقال كاف عيله للحاكم :هاذلا المسروقات أما السارقين فما تسأل عنهم لأن أن أدبتهم ودليتهم شغلهم .
وبعد عدة أسابيع حصلت بعض الخلافات بين بلدة الحاكم والبلدة المجاورة فأرسلت البلدة المجاورة جيشا لإعلان الحرب بين الطرفين فأراد حاكم البلدة أن يرسل أحدا للإستطلاع فقرر أن يرسل كاف عيله ,فطلب منه المجيء إلى قصره ,وعندما حضر كاف عيله ,قال له الملك:العدو جاي بالجيوش وأنا ما لقيت أحسن منك تروح وتشوف هين وصلو عشان نتجهز لهم.رد عليه كاف عيله:ولا يهمك حاضر أنا أروح أراقبهم وحدي وما باغي حد معي .رجع كاف عيله إلى بيته,وقال لزوجته:ترا الملك تاكل مني أروح وأشوف القوم وأنا ما أقدر بس أخبرش إنو حنا في نص الليل أنروح من البلاد.وعند منتصف الليل خرج كاف عيله هو وزوجته وكان كاف عيله يمشي خلف زوجته وهو يمسك بطرف حجابها من الخلف وذلك من شدة الخوف وعند منتصف الطريق لاحظت زوجته أن المكان الذي وصلا إليه هو في منتصف جيش العدو حيث كان العدو مخيما هناك وهم في فترة راحة أي أنهم نائمون ,فقالت له زوجته:ترا حنا تو وسط القوم.أما كاف عيله فمن شدة خوفه صرخ صرخة قوية أيقظت العدو وبعدها إستلقى مغما عليه ,أما عن العدو فقد ظنو أنهم قد هوجمو فأخذ كل منهم سلاحه ولأنه ليل بدأ كل منهم بمحاربة بعضهم البعض فقتل الكثير منهم, أما الباقون فقد فروا هاربين.أفاق كاف عيله من غيبوبته وقال لزوجته:مو ستوى هين العدو.فأجابته زوجته:تقاتلو ما بينهم وبو بقيو راحو وما حد بقى منهم.فقال كاف عيله:نزين نتي روحي تو جمعي بو تقدري من السلاح حنا أنرجع البيت .أما كاف عيله فلطخ نفسه بالدم ومزق ثيابه وعاد هو وزوجته إلى بيتهما.

وفي الصباح الباكر ذهب كاف عيله إلى الحاكم وهو ملطخ بالدم ويحمل السلاح الذي جمعته زوجته فوصل عند الحاكم وقال له:هذا السلاح بو  العدو وأنا حاربتهم وحدي وقتلتهم وبقيو شوية وشردو بس أنا أبغى منك ترسل حد يجمع بو بقى من السلاح .فأجابه الحاكم فرحا:الصراحة أنا ما كنت أعرف مو أسوي من دونك وانت من اليوم وصاعدا أتسكن فقصري .

قصة من التراث الشعبي العماني " البنت والبديحة "


البنت والبديحة

أوّنه في قديم الزمان تزوج رجل بإمراة، وجاب منها بنت وايد حلوة، بس بعدها بفترة ماتت الأم وتزوج الأب مرّة ثانية بحرمة وايد وايد شريرة، وجاب منها بعد بنت وحيدة، دلعت بنتها على قد ماتروم ، أما بنت زوجها فعذبتها وايد، خلتها تكنس الغرف وتغسل الصحون وتنظف البيت كامل، المهم إنها ما خلتها ترتاح أبدا مثل بنتها وكانت تكرهها كثير.
الأب كان يشتغل صياد وكان دايما يطلع البحر يصيد ويجيبلهم السمك كل يوم يطبخونه وياكلوه، في يوم من الأيام طلع الأب يصيد كالعاده ورجع  البيت وجابلهم ست بدحات إللي صادهن وطلب من حرمته إنها تطبخهن بس الحرمة خلت بنت زوجها تطبخه، المهم إن البنت بدأت بتقطيع البدح وحدة وحدة، وقطعت خمس بدح وبعدين شافت إن البدحة الأخيرة بعدها ما ميتة، شافتها تتحرك وتتكلم بعد، كانت تستنجد من البنت وتقول لها:. يالله بشيمتش عموه لا تقطعيني ولا تطبخيني ح أهل بيتكم، رجعيني البحر، وأنا بعطيك وبسويلك إللي تريديه مني وبدون تردد، وطبعا كعادة البنات الرحيمات قامت البنت وأخذت البدحة ووصلتها البحر، وأطلقتها في البحر، ولما رجعت البيت جهزت الغداء لأبوها وعمتها، وأنتبهت العمة إن في بدحة ناقصة وقالت للبنت: أبوك جاب ست بدحات وأنتي بس طبختي خمس بدحات، وين البدحة السادسة؟ ، قالت البنت بكل براءة:. إن البدحة كانت حيّة وأنا وديتها البحر، وقامت عمتها تسبها وتشتمها وتضربها، وقالت لها: اليوم ما بتتغدي ولا بتتعشي عقاباً لك عشان ما تعيديها، وبعد ما خلصوا الغداء قامت البنت تغسل الصحون، وما حطولها غداء مسكينة، ونفس الشي ح العشاء ما حطولها عشاء، كلوه عنها كله.
وبعد المغرب سارت البنت إلى البحر ونادت:. بديحتي يو بديحتي تعالي، لا عشوني ولا غدوني، وجات البديحة بكل سرعة وجابتلها صينية عيش ولحم وسمك وكل شي هي تباه، وكلت لحد ماشبعت، ومن شبعت البنت رجعت البيت، وراحت البدحة.
وبعد فترة تقدم شاب بطلب يد البنت(بطلة القصة)، وطبعا عمتها وايد غارت لأنهم ما خطبوا بنتها، وفكرت بخطة بحيث إن الشاب مايحب البنت ويشرد منها، فجلست تفكر وتفكر وتفكر، وبعد طول تفكير توصلت العمة إلى فكرة وهي: إنها تخلي البنت تاكل مالح وعوال لحد مايصيبها إسهال، العمة جلست تأكل البنت المالح والعوال لحد ما سبب لها ألم ف بطنها، وراحت البنت تبكي عند البديحة وحكت لها السالفة كلها، قالت البديحة :. ولا يهمش حبيبتي، أنا بنظف لك بطنك وبغسله لك غسال، وبخلي فيه ذهب.
وطبعا ف يوم زواج البنت بالشاب ، بغت البنت تروح الحمام(الله يعزكم) لتقضي حاجتهاوطلبت من زوجها إنه يفرش وزاره بالأرض عشان تقضي حاجتها عليه ، وطبعا الزوج إستغرب من الطلب وبدأ يصفها إنها جاهلة وما متعلمة وما تستحي، وقال لها:. يابنت الحلال عيب، مايصير كذي،ما يستوي، وهي أصرّت على هذا الطلب، وبعدها بدأت تقضي حاجتها وأستغرب الزوج إنه شاف الذهب منها، وأنتشرت السالفة ف البلاد إن البنت من أكلوها مالح وعوال قامت تسوي ذهب،،، العمة الغبية سوّت نفس الشي مع بنتها، ف يوم زواج بنتها قامت وأكلتها عوال ومالح، وقالت لزوجها إنه يفرش وزاره ،وظنت إنه بيصير لها نفس ما صار لأختها ولكن ما صار، فذهبت أعمال عمتها الشريرة أدراج الرياح.
،،،،،،،،،،،،،،،،إنتهت القصة،،،،،،،،،،،،،،
وهذي المقوله يقولوها لنا لما تخلص القصة:.
وخلاص رحنا عنهم، وما عطوني غير أربع حكم:واحد مصرّ، والثاني مفرّ، والثالث فديناه عنّا وعنكم الشر، والرابع دفنناه تحت الخطّار والخرص،،، وإذا راحله الفقير بيقضيه حرف، وإذا راحله الهنجري بيبنيه يحر(جحر).

منقول من لسان والدي العزيز-الله يحفظه-

قصة من التراث العماني"أسْوَدْ رَأْسْ"



أسْوَدْ رَأْسْ

كان يا ما كان في قديم الزمان ، في سالف العصر و الأوان ، كان هناك أسد يتفقد أحوال رعيته ، و بينما كان يتمشى ، رأى الجاموس ، و كان ظهر الجاموس متقشر، فسأله الأسد: علامه ظهرك متقشر كذاك ؟
الجاموس : آآآآه آآآآه ، أسود رآس أسود رآس ،
الأسد : من هذا أسود رآآس بعد ؟
الجاموس : هذا هو إلي مقشرلي ظهري تقشير ،
الأسد : لااااااااااه ، هذي الحال ما ينسكت عنها ابدا ،
الجاموس : مو بتسوي يعني ؟ بتضاربه مثلا ؟ أووووي ، هذا أسود رآآس ، ما لعبة !!
الأسد : انزين وين هو ألحين ؟
الجاموس : مشي علين قدام .
و مشى الأسد إلى الامام ، و إذا به يصادف الجمل ، وكان ظهر الجمل أيضا متجرح و متقشر ،
فسأله : يا جمل ، علام ظهرك متقشر و حالتك حالة ؟!
أجاب الجمل: أبووووي هذا أسود رآآس لاعب ف ظهري لعبة ! ما بقّى فيي عظم صاحي !
الأسد : حتى انته ! يا خسارة طولك و عرضك عالفاضي كان ما رمت حال أسود رآآس .
الجمل : يعني انته مفكر نفسك أبو عضلات ؟ ابوووي هذا اسود رآآس
الأسد : أنا ما عليي منه ، هذا الكائن لازم أقاتله ،لأنه الوضع فالغابة ما ينسكت عليه بتاتا ،ما بقى حد ما مقشرله ظهره ، بس انته خبرني هين هو .
الجمل : سير قدام .
و مشى الأسد بضع خطوات ، و وجد الحمار يتألم في الطريق ،
فسأله : يا حمار ، علام ظهرك متقشر ؟ لا تقولي انه أسود رآآس ؟
الحمار : هو هو ، محد غيره .
الأسد : هذا لازم نشوف له طريقه عشان نوقفه عند حده، انزين ما تعرف وين هو ألحين ؟
الحمار: سير قدام بعدك .
و مشى الأسد ، و هذه المرة صادف فلاحا ،
فسأله : يا فلاح ، ما تعرف وين أسود رآآس ؟ جالس أدور عليه من ساعة و ما لقيته !
الفلاح: و انته مو باغي بأسود رآآس ؟
الأسد: باغي أقاتله ، لأنه ما بقّى حد فالغابة و ما قشر له ظهره ! و صرااحة هذا الشيء ما يرضيني .
الفلاح : انزين أنا بجيب لك أسود رآآس ، لكن هل انته متأكد انك ما بتشرد لما تشوفه ؟
الأسد : كيه أنا جاي أقاتله ، كيف تباني أشرد ، !  أنا وبعدني ..
الفلاح : انزين ويش يضمن لي انك ما بتشرد ؟
الأسد: ما أحيدك ، تصرف ..
الفلاح: أنا بربطك فالشجرة ، عشان ما تشرد ، مو قلت ؟
الأسد: بس تمام.
و ربط الفلاح الأسد في الشجرة ، و احكم عليه الربط بشدة كي لا يفر الأسد عندما يرى أسود رآآس .
الأسد: هاااااه فلاّح ، وينه أسود رآآس ؟
الفلاح : صبر صبر شويه .
و إذا بالفلاح يخرج قطعة حطب كبيرة ،
و قال : باغي أسود رآآس
الأسد : نعم ، عجب حال موه رابطني فالشجرة !
الفلاح : أنا أسود رآآس !!!!!
 و اندهش الأسد مما سمعه !، و أخذ الفلاح قطعة الحطب الكبيرة و ضرب بها رأس الأسد بقوة حتى فقد وعيه.

و اتضح في النهاية أنا فروة شعر الفلاح سوداء اللون ، و لهذا كانوا يسمونه " أسود رآس " .

الأربعاء، 7 مايو 2014

قصة للأطفال بعنوان عش العصافير للكاتبة جوخة الحارثية




كان عبيد يحب اللعب كثيراً .
ويكره أن يشغله أي شيء عن اللعب.
وخاصة الاستحمام
وخاصة خاصة غسل شعره .
........
كانت امه تقول :
اغسل شعرك يا عبيد .
وكان ابوه يطلب منه:
اذهب معي للحلاق لتقص شعرك يا عبيد.
ولكن عبيد كان يختبئ حتى لا يغسل شعره ولا يذهب للحلاق.
........
وهكذا نما شعر عبيد.
وظل ينمو وينمو.
حتى أصبح كثيفاً ومتشابكاً.
........
رأى عصفوران صغيران شعر عبيد فقالا :
ما أجمل هذا العش!
لقد أفسدت الأمطار عشنا القديم
وسننتقل لهذا العش الجميل
........
عاش العصفوران في شعر عبيد باعتباره عشاً لهما  لهما .
فرح عبيد وأعجبه أن يكون شعره بيتاً لعصفورين جميلين .
........
حضن العصفوران بيضهما في عشهما الجديد .
.........
لما فقس البيض
خرجت منه عصافير صغيرة
وأصبح شعر عبيد مزدحما جداً بالعصافير.
........
لم يعد يتمكن من النوم
بسبب ثقل شعره وسكانه الجدد .
ولم يستطيع التركيز في لعبه
بسبب غناء العصافير المتواصل.
........
اقتنع عبيد أخيراً بقص شعره وغسله
فطارت العصافير لتبحث عن بيت آخر.
........
أصبح شعر عبيد قصيراً ونظيفاً .
فرحت الأم وفرح الأب
وعاد عبيد للعب والنوم بسهوله.
.......

لكنه ظل يفتقد أصدقائه العصافير كثيراً.

قصة للناشئة من التراث العماني.. للكاتب خالد بن سليمان الكندي





قصة رائعة وبها نوع من المغامرة والتشويق ..وهذه بعض مواقف من القصة ويوجد كذلك ترجمة للقصة باللغة الإنجليزية .

مواقف من القصة...
 
كشك لبيب..
بدا هذا الصباح خاوياً من صوت الكلاب الذي اعتادت أن تجتمع حول(لبيب) كلما ارتفعت شمس الضحى ؛ لتنال من عطف صاحبه ورِفادته.
ولا يزال الكلب (لبيب)ناعس بعدما أدى واجبه اليومي طوال الليل في حراسة حِمَى صاحبه (عبيد) ؛ على حين طاف سِرب من الدجاج حول الكِشك الذي يأوي إليه (لبيب)؛ وهي تنقب عن حب تقتات به.
خرج (عبيد) من بيته الصغير المبني من الطين والحجارة في محلة (العَتِيك)بولاية (نَخَل ) بعد ان تزوَّد بطنُه بالفطور ، وأخذ يتفقد مزرعته الصغيرة التي تتوزع فيها بعض أشجار النخيل ‘ تتخللها حقول الليمون والفُلفُل والزرع المخصص للمواشي التي تَقْطن في حظيرة في الطرف الغربي للمزرعة ؛ وكانت المزرعة مطلة على وادي (نخل )،يحيط بها وبالبيت سور يبلغ ارتفاعُه مترين ،وبجوار البيت قفص الدجاج، وكشك الحارس الأمين (لبيب).
كانت القرية الصغيرة آخِرَ زُمُردة تتصل بالعقد الأخضر الذي يربط عَلاية (نخل) بسُفالتها ، وكان لها ميزة أخرى على سائر قرى (نخل) إذ كانت تطل على السُوق –أبرز مركز حيوي واقتصادي في  البلد ..
تفقد (عبيد ) مزرعته وقُطّانها من الحيوان الأليف ‘ ثم قدم الطعام ل(لبيب )؛ قبل أن يغادر المكان قاصداً السوق؛ ليشتري زاد يحتاج إليه في رحلة الغد لزيارة ابن عمه(حبيب) في قرية ( العَوَابي ) .. تلك الرحلة التي لا تكاد تنقطع في أول كل موسم بصحبة كلبه (لبيب)، وقد اعتاد أن يُنْبِئَه بها قبل موعدها بليلة ؛ إذ كان يغلق عليه كشكه قُبَيل المغرب ليفهم أن رحلة الغد تنتظره ، وأن عليه أن يستعد لها بالنوم مبكراً.

2)لسعة حشرة...
ارتفعت الشمس حتى صافحت الضحى ، ومع ارتفاعها بدأت حرارة الشمس بالاشتعال.. وانشغل الناس في قرية  (العَوَابي)بقضاء حوائجهم ؛ إلا رجلاً في ربيعه الخمسين لم يسمح لحرارة الشمس ان تَلْفَحَه ؛ إذ عكف في بيته قاعداً على كرسيه في معمله المحشوّ بالأعشاب الطبية ؛ وقد اشتغل رأسه شيباً وهو يخلط أدوية وضعها أمامه على طاولة شغلت ضلعاً كاملاً من أضلاع غرفة المعمل ..
ظل الرجل منكبًّا على تجاربه سمِع طرقات الباب يصحبها   نداء من ابنه (محمد) ..
لم ينتبه (خلفان) من الوهلة الأولى لنداء ابنه ؛ حتى ارتفع صوته
وهو يقول :
-الوالد..افتح الباب..افتح الباب..
-هاه..
هَمْهَم الأب الأب قبل أن يدير رأسه إلى مصدر الطرقات ويقول:
-نعم ولدي.. ماذا تريد ؟
الشيخ نبهان يسأل عنك ويريدك عاجلاً
-         زين زين.. أنا قادم ..
دلف (خلفان) إلى مجلس بيته؛ حتى إذا أبدى تحية الإسلام أُذْهِلَ وهو يرى ( نبهان ) يغطي عينه اليمنى بقطعة قطن كبيرة ويضع باطن يده على القطعة ..
-         سلامات! ما بالك الشيخ (نبهان)؟!
-         عيني ملتهبة منذ ثلاثة أيام ،وتؤرقني كل ليله ..فلم يهنأ لي نوم ..
-         خيراً إن شاء الله.. ماذا أصابك ؟!..
-         كنت أسقي مزرعتي ، فغافلتني حشرة فلسعتني في العين ..
-         ولماذا لم تأت إلي فوراً ؟!
-         يا ابن الحلال !.. ما ظننت انها ستكون خطيرة إلى هذا الحد..
-         طيب .. إن شاء الله تكون حالتها يسيرة ..
مرت ربُع ساعة استلقى خلالها (نبهان ) على حصير المجلس ؛ و(خلفان) يفحص عينه كرّات ومرّات ؛ قبل أن يتنهد قائلا:
-         إن هذ الورم ليس غريباً علي ؛ لكنه نادر، وأكتفي الآن بإعطائك ما يخففه دون أن يقضي عليه..
نهض(نبهان) من الحصير قبل أن ينبس ببنت شفه،وهو يعيد تثبيت قطعة القطن إلى عينه :
-         هل تعني أنه ورم يعسُر علاجه ؟!..
-         ليست المشكلة في إمكان علاجه..بل..
-         بل ماذا..
أطرق خلفان قليلاً ، ثم حسم الأمر إذ لم يجد مناصاً من إبلاغ الرجل بالأمر ليتخلص من آلامه ، فأضاف :
-         المشكلة في الدواء الذي يحتاج إليه العلاج ..
نظر (خلفان ) في وجه (نبهان) وقد فتح أذنيه واتسعت حدقته اليسرى لتتلقى النبأ..
أخذ (خلفان )نفساً عميقاً قبل أن يردف وهو يحرك سبابته في وجه(نبهان) :
-         عليك أن تدرك أن ثمن جلب الدواء باهض جداً على من يسعى إليه ؛ إذ يعرض نفسه للموت أو لخطر عظيم! ..
لم يكد( خلفان) يلقي كلماته تلك حتى وجم (نبهان )؛ وكأنما توقفت كل خليه من خلاياه عن الحركة..
توقفت كلياً ..
وفقد الأمل في الشفاء ..
فقده تماماً..

3)
 أفعى تطير ...
امتلأ (لبيب) نشاطاً مع اول نسمات الشروق ؛ وهو يسير بجانب صديقه ، فقد ناما البارحة مبكِّرَيْنِ ، وحمل (عبيد) مؤونتهما عقب صلاة الفجر متجهين إلى( العوابي)
‘وزادهما بهجة ً أن كانت هذه الأيام أول موسم الربيع ..
ناهز الزمان آخر الظهيرة ،واقترب الاثنان كم (المنظور) الذي تعودا أن يمرّا عليه ليحظيا بالقيلولة فيه قبل ان يصلا إلى قرية (المهاليل ) ..
لم يكن (المنظور) سوى موضع تقطنُه أسرة واحدة ، ولم يكن لهذه الأسرة إلا مزرعة صغيرة بها بضعة أشجار نخيل ، وزرع وبعض الشياة ..
كانت الأسرة تعتمد في شربها وسقيها على عين ماء ليست بالبعيدة عن عريشها ، هي (غَيْز المُحَيْينِيا) التي تصب في حوض صغيرة ليتجمع ماؤها فيه قبل أن ينطلق تلقاء المزرعة..
قبل أن يقتربا من المكان تنبه (لبيب)لوجود الماء وعدم وجود أحد من الناس حول العين ، واشتمت انفه رائحة تحفظها ذاكرته، فتقدم قليلا على صاحبه، ثم استدار ليواجهه  بالنباح ..
فهم (عبيد) مغزى نباح (لبيب) فوقف في مكانه ، وترك الكلب ليتقدم ويفحص المكان..
شرع الكلب يحوم حول الحوض وهو يشم المكان ،  ويفحصه بعين الخبير المدقق ؛ حتى اقترب من سطل ملقى على الأرض بجانب الحوض ..
تراجع الكلب ثلاثة أمتار عن السطل ملقى على الأرض بجانب الحوض ..
تراجع الكلب ثلاثة أمتار عن السطل ، أخذ يرقبه هُنَيْهَة ؛ إذ لم يكن فم السطل (لبيباً) حتى يدرك ببصرة ما هو داخل تجويفه ..
فجأة انطلق (لبيب ) بأقصى سرعة يملكها ، فدفع السطل إلى الأعلى ، فإذا به يرتفع ويدور في الهواء حتى سقطت منه أفعى ..
لم يمهل(لبيب ) الأفعى حتى ترتطم  بالأرض ؛ بل انقض عليها فوراً ليدوس جسدها بساعده الأيسر ، وينشب في راسها مخالب ساعده الأيمن ..
ظل (عبيد )يراقب مشهد الكلب وهو يمزق الأفعى حتى خمدت حركتها ، فتقدم إلى كلبه الوفي شاكراً ، وأخرج من الزاد الذي يحمله قطعة قَدِيد كافأه بها في الحال ؛ لنباهته التي اُعْجِب بها ، ولوفائه الذي ظل يحفظه له..
مسح (عبيد) بيده رأس (لبيب)   وظهره متحنناً ؛ وهو يقول له :

-         دعنا نقيل في هذا المكان يا صاحبي ، ونأخذ قسطاً من الراحة حتى العصر ، فأمامنا طريق طويل قبل أن نصل إلى ( العوابي) عشاء..قصة للناشئة من التراث العماني.. للكاتب خالد بن سليمان الكندي


قصة رائعة وبها نوع من المغامرة والتشويق ..وهذه بعض مواقف من القصة ويوجد كذلك ترجمة للقصة باللغة الإنجليزية
كشك لبيب..
بدا هذا الصباح خاوياً من صوت الكلاب الذي اعتادت أن تجتمع حول(لبيب) كلما ارتفعت شمس الضحى ؛ لتنال من عطف صاحبه ورِفادته.
ولا يزال الكلب (لبيب)ناعس بعدما أدى واجبه اليومي طوال الليل في حراسة حِمَى صاحبه (عبيد) ؛ على حين طاف سِرب من الدجاج حول الكِشك الذي يأوي إليه (لبيب)؛ وهي تنقب عن حب تقتات به.
خرج (عبيد) من بيته الصغير المبني من الطين والحجارة في محلة (العَتِيك)بولاية (نَخَل ) بعد ان تزوَّد بطنُه بالفطور ، وأخذ يتفقد مزرعته الصغيرة التي تتوزع فيها بعض أشجار النخيل ‘ تتخللها حقول الليمون والفُلفُل والزرع المخصص للمواشي التي تَقْطن في حظيرة في الطرف الغربي للمزرعة ؛ وكانت المزرعة مطلة على وادي (نخل )،يحيط بها وبالبيت سور يبلغ ارتفاعُه مترين ،وبجوار البيت قفص الدجاج، وكشك الحارس الأمين (لبيب).
كانت القرية الصغيرة آخِرَ زُمُردة تتصل بالعقد الأخضر الذي يربط عَلاية (نخل) بسُفالتها ، وكان لها ميزة أخرى على سائر قرى (نخل) إذ كانت تطل على السُوق –أبرز مركز حيوي واقتصادي في  البلد ..
تفقد (عبيد ) مزرعته وقُطّانها من الحيوان الأليف ‘ ثم قدم الطعام ل(لبيب )؛ قبل أن يغادر المكان قاصداً السوق؛ ليشتري زاد يحتاج إليه في رحلة الغد لزيارة ابن عمه(حبيب) في قرية ( العَوَابي ) .. تلك الرحلة التي لا تكاد تنقطع في أول كل موسم بصحبة كلبه (لبيب)، وقد اعتاد أن يُنْبِئَه بها قبل موعدها بليلة ؛ إذ كان يغلق عليه كشكه قُبَيل المغرب ليفهم أن رحلة الغد تنتظره ، وأن عليه أن يستعد لها بالنوم مبكراً.

2)لسعة حشرة...
ارتفعت الشمس حتى صافحت الضحى ، ومع ارتفاعها بدأت حرارة الشمس بالاشتعال.. وانشغل الناس في قرية  (العَوَابي)بقضاء حوائجهم ؛ إلا رجلاً في ربيعه الخمسين لم يسمح لحرارة الشمس ان تَلْفَحَه ؛ إذ عكف في بيته قاعداً على كرسيه في معمله المحشوّ بالأعشاب الطبية ؛ وقد اشتغل رأسه شيباً وهو يخلط أدوية وضعها أمامه على طاولة شغلت ضلعاً كاملاً من أضلاع غرفة المعمل ..
ظل الرجل منكبًّا على تجاربه سمِع طرقات الباب يصحبها   نداء من ابنه (محمد) ..
لم ينتبه (خلفان) من الوهلة الأولى لنداء ابنه ؛ حتى ارتفع صوته
وهو يقول :
-الوالد..افتح الباب..افتح الباب..
-هاه..
هَمْهَم الأب الأب قبل أن يدير رأسه إلى مصدر الطرقات ويقول:
-نعم ولدي.. ماذا تريد ؟
الشيخ نبهان يسأل عنك ويريدك عاجلاً
-         زين زين.. أنا قادم ..
دلف (خلفان) إلى مجلس بيته؛ حتى إذا أبدى تحية الإسلام أُذْهِلَ وهو يرى ( نبهان ) يغطي عينه اليمنى بقطعة قطن كبيرة ويضع باطن يده على القطعة ..
-         سلامات! ما بالك الشيخ (نبهان)؟!
-         عيني ملتهبة منذ ثلاثة أيام ،وتؤرقني كل ليله ..فلم يهنأ لي نوم ..
-         خيراً إن شاء الله.. ماذا أصابك ؟!..
-         كنت أسقي مزرعتي ، فغافلتني حشرة فلسعتني في العين ..
-         ولماذا لم تأت إلي فوراً ؟!
-         يا ابن الحلال !.. ما ظننت انها ستكون خطيرة إلى هذا الحد..
-         طيب .. إن شاء الله تكون حالتها يسيرة ..
مرت ربُع ساعة استلقى خلالها (نبهان ) على حصير المجلس ؛ و(خلفان) يفحص عينه كرّات ومرّات ؛ قبل أن يتنهد قائلا:
-         إن هذ الورم ليس غريباً علي ؛ لكنه نادر، وأكتفي الآن بإعطائك ما يخففه دون أن يقضي عليه..
نهض(نبهان) من الحصير قبل أن ينبس ببنت شفه،وهو يعيد تثبيت قطعة القطن إلى عينه :
-         هل تعني أنه ورم يعسُر علاجه ؟!..
-         ليست المشكلة في إمكان علاجه..بل..
-         بل ماذا..
أطرق خلفان قليلاً ، ثم حسم الأمر إذ لم يجد مناصاً من إبلاغ الرجل بالأمر ليتخلص من آلامه ، فأضاف :
-         المشكلة في الدواء الذي يحتاج إليه العلاج ..
نظر (خلفان ) في وجه (نبهان) وقد فتح أذنيه واتسعت حدقته اليسرى لتتلقى النبأ..
أخذ (خلفان )نفساً عميقاً قبل أن يردف وهو يحرك سبابته في وجه(نبهان) :
-         عليك أن تدرك أن ثمن جلب الدواء باهض جداً على من يسعى إليه ؛ إذ يعرض نفسه للموت أو لخطر عظيم! ..
لم يكد( خلفان) يلقي كلماته تلك حتى وجم (نبهان )؛ وكأنما توقفت كل خليه من خلاياه عن الحركة..
توقفت كلياً ..
وفقد الأمل في الشفاء ..
فقده تماماً..

3)
 أفعى تطير ...
امتلأ (لبيب) نشاطاً مع اول نسمات الشروق ؛ وهو يسير بجانب صديقه ، فقد ناما البارحة مبكِّرَيْنِ ، وحمل (عبيد) مؤونتهما عقب صلاة الفجر متجهين إلى( العوابي)
‘وزادهما بهجة ً أن كانت هذه الأيام أول موسم الربيع ..
ناهز الزمان آخر الظهيرة ،واقترب الاثنان كم (المنظور) الذي تعودا أن يمرّا عليه ليحظيا بالقيلولة فيه قبل ان يصلا إلى قرية (المهاليل ) ..
لم يكن (المنظور) سوى موضع تقطنُه أسرة واحدة ، ولم يكن لهذه الأسرة إلا مزرعة صغيرة بها بضعة أشجار نخيل ، وزرع وبعض الشياة ..
كانت الأسرة تعتمد في شربها وسقيها على عين ماء ليست بالبعيدة عن عريشها ، هي (غَيْز المُحَيْينِيا) التي تصب في حوض صغيرة ليتجمع ماؤها فيه قبل أن ينطلق تلقاء المزرعة..
قبل أن يقتربا من المكان تنبه (لبيب)لوجود الماء وعدم وجود أحد من الناس حول العين ، واشتمت انفه رائحة تحفظها ذاكرته، فتقدم قليلا على صاحبه، ثم استدار ليواجهه  بالنباح ..
فهم (عبيد) مغزى نباح (لبيب) فوقف في مكانه ، وترك الكلب ليتقدم ويفحص المكان..
شرع الكلب يحوم حول الحوض وهو يشم المكان ،  ويفحصه بعين الخبير المدقق ؛ حتى اقترب من سطل ملقى على الأرض بجانب الحوض ..
تراجع الكلب ثلاثة أمتار عن السطل ملقى على الأرض بجانب الحوض ..
تراجع الكلب ثلاثة أمتار عن السطل ، أخذ يرقبه هُنَيْهَة ؛ إذ لم يكن فم السطل (لبيباً) حتى يدرك ببصرة ما هو داخل تجويفه ..
فجأة انطلق (لبيب ) بأقصى سرعة يملكها ، فدفع السطل إلى الأعلى ، فإذا به يرتفع ويدور في الهواء حتى سقطت منه أفعى ..
لم يمهل(لبيب ) الأفعى حتى ترتطم  بالأرض ؛ بل انقض عليها فوراً ليدوس جسدها بساعده الأيسر ، وينشب في راسها مخالب ساعده الأيمن ..
ظل (عبيد )يراقب مشهد الكلب وهو يمزق الأفعى حتى خمدت حركتها ، فتقدم إلى كلبه الوفي شاكراً ، وأخرج من الزاد الذي يحمله قطعة قَدِيد كافأه بها في الحال ؛ لنباهته التي اُعْجِب بها ، ولوفائه الذي ظل يحفظه له..
مسح (عبيد) بيده رأس (لبيب)   وظهره متحنناً ؛ وهو يقول له :
-         دعنا نقيل في هذا المكان يا صاحبي ، ونأخذ قسطاً من الراحة حتى العصر ، فأمامنا طريق طويل قبل أن نصل إلى ( العوابي) عشاء..